- الحصول على الرابط
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
بدأ موضوعنا بحكاية .. قالتله احضر كوب الشاى بنفسك ! .. قام الولد واحضر كوب الشاى من المطبخ حتى الصاله ، عند وصوله إلى الصاله قال أخوه :” ستقع منه ! ” .. بدأت الأم تضع فى اعتبارها ان ابنها سيسقط الكوب منه ، ومن لحظت ادراكه لهذا الترقب بدأ يتوتر بسبب نظرات الام وقلقها .. الام تنظر بتوتر وقلق والابن يتوتر وبدأت تهتز يداه .. امه قالتله فى خضه :” خد بالك ! ” .. زاد توتر الولد واصبح كل تركيزه فى كوب الشاى فقط وحاول نزع اى فكره اخرى من دماغه .. الام لاحظت مدى التوتر فقالتله :” احذر سيقع منك الكوب ! ” .. توتر لدرجة كبير كأنه اول مره يمسك كوب شاى فى حياته .. الشاى بدأ يهتز بسبب اهتزاز يديه بسبب التوتر .. الام قالت :” كنت وضعت شاى اقل من هذا فى الكوب ، فإنه مملتئ ويقع على الاطراف ” .. من كثرة تركيزه وتوتره لم يأخذ فى حسبانه السجاده ! .. طويت السجاده وتعطلت رجله فيها فسقط على الارض .. وقد حدث ما حدث ..
بعد كل ما حدث صرخ أخوه بإنتصار :”لقد قلت لكم أن الكوب سيقع ! ” وكأنه متنبى عظيم !
مفهوم المتنبى أنه شخص ذكى جدا أو لديه علم كثير ، وفى العلوم ؛ النظرية التى لا يترتب عليها توقعات وتنبؤات لا تعتبر نظرية من الأساس .. ما الجميل فى نظرية تشرح كل شئ دون أن تعطينا أى تنبؤ !؟! لا شئ بالطبع !
وعلى هذا الاساس تكون النظرية صحيحه طالما تنبؤاتها صحيحه .
لكن فى مثالنا السابق ؛ المتنبى ده شخص غبى ! فكره إنك تتنبأ بشئ معين وتؤثرفى العوامل فتحدث بالشكل الذى تريده أنت .. هذه الطريقة ليست جديده ! .. فهى تحدث فى حياتنا اليوميه بشكل مبالغ فيه ، فان 75% مما يحدث فى الاعلام وحوار إلى 75% من كلام وتوقعات المحللين ونبؤاتهم ..
فى المثال الام توترت بعد نبوءة الاخ عن سقوط كوب الشاى وبالتالى توتر الابن حامل كوب الشاى وعندما توتر جعلهم يتوترون اكثر وبدأوا فى تزويد توتر بعضهم البعض .. وبعد كل هذا التوتر المتبادل سقط كوب الشاى .
لو كان الاخ لم يقل توقعه أو كان قاله فى سره بينه وبين نفسه لم يكن قد حدث شئ!
هذا النوع من التنبؤات يسمى self-fulfilling prophecies أى التنبؤات المحققه لذاتها .. هذه التنبؤات لو قيلت سراً لن تحدث إطلاقاً ..
هناك الكثير من الدراسات على هذا الموضوع ، من هذه الدراسات الكثيره تجارب قام بها عالم من جامعة هارفارد اسمه روبرت Robert Rosenthal .. روبرت نشر هذه المجموعة من التجارب فى كتاب بإسم ” باجميليان فى الفصل ” .. باجميليان فى الاساطير اليونانيه كان نحات وفنان رائع قام بنحت تمثال على شكل امرأه جميله جدا ووقع فى حبها وكان مؤمن ايمان غريب وغير عادى أنها فى يوم من الايام ستتحول الى انسانه حقيقية ، وحدث أنها تحولت لانسانه حقيقية – حسب ما تروى الاسطوره – ولذلك سمى الكتاب باسم باجميليان فى الفصل !
هذا العالم صاحب الكتاب قام بعمل تجربة من تجاربه كالتالى : احضر فصلين أ و ب ، تم اجراء اختبار ذكاء للفصلين فى بداية العام الدراسى وكان الفصلين أختيرا بعناية ليكونان متساويان فى اختبار الذكاء ، احضر هذا العالم مدرس واحد للفصلين ليدرس لهم ، قال العالم لهذا المدرس أن فصل أ هو فصل رائع يضم المتميزين والمتفوقين الأذكياء جدا والاكثر نشاطا وتفكيرا ، أما الفصل ب فإنه يضم من الطلبه الاغبياء والمملوئين بالكسل .. وهذا المدرس قام بالتدريس للفصلين لمدة عام دراسى كامل !
بعد انتهاء السنه الدراسيه أجروا اختبار ذكاء للطلبه ومن المدهش أن طلاب فصل أ كانوا أعلى درجات فى اختبار الذكاء ! .. ماذا حدث ؟ كيف تغيرت درجة الذكاء ؟ كانوا متساويين فى البدايه !
هذه أحد حالات self-fulfilling prophecies ، ما حدث أن المدرس سمع أن الفصل أ أكثر ذكاءا وتعليما توقع بشكل تلقائى وطالما الطلاب أذكياء فسوف تهتم بهم اكثر ، وستشجعه على تصحيح خطأه ان أخطأ ، وعندما يقصر ستجلب له العذر أن هذا اقصى ما استطاع ، لكن لو الطالب قيل عنه أنه فاشل ، أى خطأ يتم ارتكابه سيتهم هو به ، وأى سؤال يقوله يكون مجرد تضييع للوقت فلا قيمة لأسئلة شخص غبى فاشل ويتهم بأن أسئلته الغرض منها تضييع الحصه ، أى شئ يقصر فيه يتهم بالكسل واللامبالاه والفشل والغباء وعدم الاهتمام بالعلم ! ..
هذه التجربة من اهم التجارب فى علم النفس الاجتماعى ..
الفصلين كانوا بادئين بنفس المستوى الدراسى ونفس مستوى الذكاء ! .. ولكن بعد عام دراسى أصبح هناك فصل أذكى وأفضل دراسيا من فصل بسبب توقع مدرس إن هناك فصل ذكى وآخر غبى ! فصل متفوق وآخر فاشل ! ..
توقعه صحيح لأنه هو الذى جعله صحيح !
الكتاب الذى كتبه هذا العالم به 300 تجربة أهم من بعض ، ففى أحد التجارب الأخرى قام بعمل التجربة ولكن بالعكس حيث قال لأحد الفصول أن هذا المدرس رائع فى الشرح ويهتم بالطالب وفاهم للمادة العلمية ، وقالوا للفصل الآخر أن هذا المدرس ضعيف جدا فى الشرح ولم يستوعب الماده العلميه جيدا ولا يهتم بالطلاب وقدرته على توصيل المعلومه ضعيفه جداً .. إنه نفس المدرس ولكن كل فصل سمع عنه معلومات عكس الفصل الآخر !
وبعد عام دراسى كامل سألوا الطلاب فى كل فصل من الفصلين .. ما رأيك فى هذا المدرس ؟ .. الفصل الذى قيل له أن المدرس فاشل ولا يجيد الشرح كان رأيهم أنه فاشل وضعيف الشرح وغير قادر على توضيح المعلومات ! ، أما الفصل الذى قيل له أن المدرس ناجح وقوى فى الشرح ويعرف الماده العلميه جيدا ً كان رأيهم أنه مدرس رائع يجيد توصيل المعلومه بسهوله وذكاء ويعى الماده العلميه جيداً ! .. كيف ؟ كيف وهو نفس المدرس ؟! .. كيف تختلف الآراء وقد تعاملوا معه ؟! .. لا حياة لمن تنادى !
الحياه مليئه بهذه الأمثله من التوقعات المحققه لذاتها !
إليك مثال الكوريتين .. كوريا الشماليه توقعت واستشعرت أن هناك قلق وتخطيط من كوريا الجنوبيه وتهديد للأمن القومى – مجرد توقعات ومخاوف – فقامت كوريا الشماليه بناءً على هذه التوقعات بتزويد الدبابات على الحدود بين كوريا الشماليه وكوريا الجنوبيه ! ..
رأت كوريا الجنوبيه الدبابات على الحدود بينهم وبين كوريا الشماليه فخافت وقررت اجراء بعض العمليات والاستعراضات العسكريه كرد على وضع الدبابات على الحدود وللتنويه أنهم أقوياء وفى استعداد دائم ..
وعلى الفور صرح رئيس كوريا الشماليه لشعبه أنه حدث كما توقع ! .. انهم يهددونا بجيوشهم وحركاتهم العسكريه ! .. واتخذ قرار بضربهم بقنبله نوويه !
هذا الموضوع بدأ بتفكير خاطئ وتوقع خاطئ وسارت الأمور حتى وقوع المصيبه ، ليس كل من يخبرك بتوقعات وتحدث يكون هذا الانسان متنبى ! ربما يكون أحد أصحاب التنبؤات المحققه لذاتها !
فى التجربه جيل كامل اتحدد مستقبله وذكاءه بسبب تنبؤات شخص واحد !
احذر من تنبؤاتك وتوقعاتك ! .. كن حسن النيه وحسن التوقع !
ان اعجبك المقال عن تبسيط العلوم يمكنك أن تقرأ المزيد على موقعنا ، ولمتابعة كل المقالات الجديده التى نكتبها عن تبسيط العلوم يمكنك الاعجاب بصفحتنا على الفيسبوك ليصلك المزيد من مقالاتنا عن طريق الصفحه ، ويمكنك ايضا الاشتراك فى القائمة البريديه عن طريق بريدك الالكترونى ليصلك كل المقالات الجديده على بريدك الالكترونى .
لمزيد من القراءه على هذا الموضوع المفيد والشيق ، يمكنك قراءة المواضيع الآتيه وهى المراجع لهذا المقال :
1- Pygmalion effect
2- Robert Rosenthal (psychologist)
3- rosenthal_jacobson_pygmalionclassroom_urbrev1968_2.pdf